الأربعاء، 30 سبتمبر 2009

الدولار يترنح بفعل الأزمة والمنافسة

زوليك: سيادة الدولار كعملة احتياطي ليست من المسلمات (الفرنسية-أرشيف)


محمد طارق-الجزيرة نت

حملت الأزمة المالية والاقتصادية -التي عصفت بالولايات المتحدة وجرت إليها العالم- بعض المسؤولين الأميركيين على الاعتراف بأن آثار الأزمة هذه المرة تعدت كونها عابرة, فقد تطيح بسيادة الاقتصاد الأعظم في العالم.

ووجد رئيس البنك الدولي روبرت زوليك -وهو أيضا الممثل التجاري الأميركي ونائب وزير الخارجية السابق- نفسه مضطرا من موقعه كرئيس لأكبر مؤسسة مصرفية في العالم للاعتراف في جامعة جونز هوبكنز بواشنطن بأن "من الخطأ بالنسبة للولايات المتحدة اعتبار موقع الدولار كعملة سائدة فيما يتعلق باحتياطيات العالم من المسلمات".

ويضيف زوليك "تتزايد فرص وجود بدائل أخرى للدولار في المستقبل.. فاليورو يمثل بديلا معقولا.. إن هناك من القرائن ما يؤكد أن الإقبال على اليورو سيزداد".

ويتوقع زوليك أن يعاني الدولار في العقدين القادمين منافسة شديدة من الرينمنبي (اليوان الصيني).

ويؤكد زوليك أنه بالرغم من أن الحكومة الصينية قلصت استخدام عملتها في المعاملات الدولية لكي تستطيع السيطرة على سعر صرف اليوان فإن من المتوقع تعاظم قوة العملة الصينية في أسواق المال العالمية.

وتعتبر هذه الملاحظات من زوليك غير عادية. فقد حاول التأكيد على أن الولايات المتحدة وبعض الدول الغنية الأخرى لن تستطيع إبقاء سيطرتها على الاقتصاد العالمي، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة بدأت تفقد سطوتها الاقتصادية.

وقال زوليك إن مستقبل الدولار سيعتمد بصورة رئيسية على خيارات الحكومة الأميركية، متسائلا هل ستستطيع الولايات المتحدة حل مشكلات ديونها وتفاقم التضخم؟ وهل ستستطيع السيطرة على الإنفاق وعلى عجز الموازنة؟.

ثمن الديون

ويقول العديد من المحللين إن تعاظم الدين الحكومي الأميركي -وهو الثمن الذي تدفعه الولايات المتحدة للخروج من الأزمة- وما يترتب عليه من ارتفاع في معدل التضخم سيقوض في النهاية الثقة بالعملة الأميركية.

وجاء صوت زوليك الأخير ليطلق جرس الإنذار بالنسبة لمستقبل العملة الأميركية رغم محاولات الإدارة الأميركية تأكيد أن الدولار لا يزال قويا وأنه سيستمر كذلك لسنوات قادمة.

وقد أثار ضعف الدولار دعوات من عدة دول على رأسها الصين وروسيا ودول أخرى لإيجاد عملة عالمية تحل محل العملة الأميركية.

وكرر رئيس البنك المركزي الصيني جو تشياوتشوان مؤخرا أن هناك حاجة لإيجاد عملة احتياط عالمية لفك ارتباط عملة الاحتياط عن العملات الحكومية الأخرى. واقترح توسيع دور حقوق السحب الخاصة في صندوق النقد الدولي.

ويعتقد مصرفيون أن الدولار يشكل نحو 70% من احتياطيات النقد الأجنبي الصينية البالغة 1.95 تريليون دولار معظمها على شكل سندات خزانة أميركية.

كما طالب مسؤولون بالهند والبرازيل وروسيا أيضا بنظام عملة منوع لخفض الاعتماد على الدولار.

وقال الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف مؤخرا إن العالم بحاجة للمزيد من العملات الاحتياطية، مع إقراره بعدم وجود بديل للعملتين الأميركية والأوروبية الموحدة في الوقت الراهن.

وأوضح ميدفيديف في مقابلة صحفية أن هناك خللا في النظام القائم على الدولار واليورو، إلا أنه قال "لكنني واقعي، وأدرك أنه لا يوجد بديل للدولار أو للعملة الأوروبية في الوقت الحالي".

متى يأفل نجم الدولار؟

ورغم أن الوقت قد حان لطرح السؤال إلا أنه لم يحن بعد للإجابة عليه.

فإنهاء دور الدولار من الاقتصاد العالمي وهو هدف جيوسياسي للعديد من الدول، ليس بالأمر الهين. فكل البنوك المركزية في العالم تحتفظ باحتياطيات من الدولار أكبر من العملات الأخرى حيث تستخدمه للمحافظة على استقرار العملات المحلية.

كما يحتاج إنشاء عملة عالمية إلى عدة معطيات. ويقول محللون إنك لا تستطيع أن تقرر عملة الاحتياطي ولكنها تفرض نفسها. فمثل هذه العملة تحتاج أولا إلى سيولة ضخمة تستطيع تغذية النظام العالمي. وهذا بالتالي يحتاج إلى بنك مركزي يتمتع بهامش كبير من حرية التحرك، وهي خاصية يتمتع بها الاحتياطي الاتحادي الأميركي بصورة لا يضاهيه فيها حتى البنك المركزي الأوروبي.

كما أن الاقتصاد الذي تعتمد عليه العملة العالمية يجب أن يكون كبيرا لدرجة يستطيع من خلالها التغلب على التقلبات التي تحدثها عمليات ضخمة لبيع وشراء الأصول.

كما يحتاج استبدال الدولار إلى التخلي عن شراء الدين الأميركي أو سندات الخزانة الأميركية على مستوى واسع. ومن المستبعد إجراء مثل هذه العمليات في المدى المنظور لأنها أولا تحتاج لمشترين لهذه السندات في وقت محدد، ثانيا لأن حجمها الحالي خاصة لدى الصين، لا يساعد في سرعة التخلص منها. إضافة إلى أن بيعها بصورة سريعة يعني انخفاض قيمتها وخسارة الدول المحتفظة بكميات كبيرة منها.

وطبقا لصندوق النقد الدولي فقد انخفضت احتياطيات العالم من الدولار منذ أوائل القرن الحالي. لكن الدولار ما زال يمثل 64% من مجمل الاحتياطيات في نهاية 2008 بالمقارنة بـ73% في عام 2001.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق